رجوع

السبت، ١٥ مارس ٢٠٢٥

EN | ع
إعادة الإعمار بسرعة أم الانتظار: معضلة تواجه لبنان

إعادة الإعمار بسرعة أم الانتظار: معضلة تواجه لبنان

بيروت، كانون الثاني 2025 – يقف لبنان عند مفترق طرق. سنوات من الانهيار الاقتصادي، عدم الاستقرار السياسي، وتداعيات انفجار مرفأ بيروت في 2020 تركت البلاد في حاجة ماسة لإعادة الإعمار. لكن سؤالاً جوهرياً يثير الانقسام بين القادة والمواطنين: هل يجب على لبنان التركيز على إعادة الإعمار السريعة لاستعادة الحياة الطبيعية، أم اتخاذ نهج أكثر تأنياً لضمان إصلاح مستدام؟

الحاجة إلى السرعة

بالنسبة لأنصار التحرك السريع، السبب واضح: البنية التحتية الأساسية في لبنان على وشك الانهيار. انقطاعات الكهرباء تستمر معظم اليوم، المياه النظيفة شحيحة، والمؤسسات الحيوية مثل المدارس والمستشفيات تكافح لتستمر. إعادة الإعمار السريعة يمكن أن:

  • تخلق آلاف الوظائف وتحفز الانتعاش الاقتصادي.
  • تعيد الثقة لدى المستثمرين الدوليين.
  • تلبي الاحتياجات الإنسانية العاجلة للمواطنين النازحين.

لكن التاريخ يُلقي بظلاله الطويلة. يحذر النقاد من أن إعادة الإعمار بشكل متسرع دون إصلاحات جذرية قد تكرر أخطاء الماضي، حيث أدى الفساد وسوء الإدارة إلى تفاقم الأزمات بدلاً من حلها.

دعوة للتأني

من جهة أخرى، يرى البعض أن لبنان يجب أن يعالج جذور المشكلة قبل الانخراط في إعادة الإعمار على نطاق واسع. بالنسبة لهم، مكافحة الفساد، إصلاح الحكم، والاستثمار في التخطيط طويل الأجل هي شروط أساسية للتعافي الحقيقي.

“التسرع في إعادة الإعمار بدون مساءلة يشبه البناء على أرض غير ثابتة”، يقول أحد قادة المجتمع المدني في بيروت.

يرى هذا المعسكر أن لبنان يجب أن يأخذ الوقت الكافي لـ:

  • ضمان الشفافية في توزيع أموال إعادة الإعمار.
  • إشراك الخبراء الدوليين في التخطيط الحضري والتنمية المستدامة.
  • إصلاح المؤسسات السياسية والمالية لمنع حدوث أزمات جديدة.

ولكن التأخر لفترة طويلة قد يعمق اليأس العام ويدفع المزيد من اللبنانيين للهجرة، مما يفقد البلاد كفاءاتها وأملها في التعافي.

التوازن هو الحل

يبدو أن الطريق إلى الأمام يكمن في تحقيق توازن دقيق. لا يمكن للبنان أن يتحمل الانتظار إلى ما لا نهاية، لكنه أيضاً لا يستطيع تجاهل الحاجة إلى الإصلاح. الخطوات العاجلة، مثل استعادة البنية التحتية الأساسية ومعالجة الأزمات الإنسانية، يجب أن تكون مترافقة مع تغييرات عميقة وجذرية.

الضغوط الدولية والأمل

قدمت الجهات الدولية دعماً مالياً، لكن معظم هذا الدعم مشروط بإجراء إصلاحات. وبينما يُعتبر هذا الضغط ضرورياً، يحذر الخبراء من أن على المانحين الدوليين أيضاً تقديم توجيهات تقنية لضمان استخدام الأموال بشكل فعال.

صراع لبنان لإعادة الإعمار يعكس التحديات التي تواجهها الدول التي تتعافى من الأزمات. القرارات التي تُتخذ الآن ستشكل ليس فقط مستقبل البلاد القريب، بل آفاق الأجيال القادمة أيضاً.